الحياة مع متلازمة تيرنر

رحلة التشخيص وما بعدها

قصة سارة

لا يزال بإمكاني سماع صوت الطبيب على الهاتف. “وصلتني النتائج، وأنا متفاجئ للغاية! سارة مُصابة بمتلازمة تيرنر”. كان ذلك عندما تم تشخيص ابنتي سارة لأول مرة، وكان عمرها آنذاك 7 سنوات. عندما أغلقت الهاتف، جلسنا معها وأبلغناها بالخَبر. هذا هو السبب في أنها لم تَكُن تكبر، ولهذا كان أخوها الصغير على وشك أن يصبح أكبر منها حجمًا. منذ تلك اللحظة، أصبحت سارة فتاةً مختلفة. أعتقد أنها كانت سعيدة ومرتاحة للغاية. وكذلك كنت أنا.

عِشنا السنوات الأولى مع سارة في “سعادة الجهل”. كانت منحنيات نموّها جيدة، واجتازت العديد من الامتحانات بنجاح باهر.

اعتَدْنا الذهاب إلى مجموعة اللعب ثلاث مرات في الأسبوع. لقد قضينا العديد من الساعات الممتعة هناك، لكنني لاحظت أنها لم تكن مهتمة جدًا بالأطفال الآخرين. كانت تبدأ اللعب بسعادةٍ تامّة، ولكن في غضون فترة قصيرة كانت تنسحب من اللعبة. كأيّ أمّ حريصة أثار هذا شكوكي، هل كانت هناك مشكلة ما؟

لاحَظُوا في الحضانة أنها لا تتصرَّف دائمًا كما يفعل الأطفال الآخرون الذين عمرهم بين 4-5 سنوات. كانت مهاراتها اللغوية ممتازة، لكنها واجهت صعوبة في التركيز والنجاح في الجوانب النظرية التي تتطلب رؤية العالم من منظور أوسع.

لم نكتشف الأمر إلا بعد أن قام طبيب المدرسة بإجراء الفحص الطبي الروتيني. لم تكن سارة قد نَمَت ميليمترًا واحدًا منذ آخر فحصٍ طبيّ لها. جلس طبيب المدرسة وهو يشير إلى منحنى نموها الذي يبدو مُسطَّحًا، وقال، “هناك خطب ما هنا”. هل كنتُ قلِقةً حينها؟ نعم بالتأكيد! كان لديّ الكثير والكثير من الأسئلة، ولكن لم تكن هناك أجوبة لها.

تم إحالة سارة إلى اختصاصية في أمراض الطفولة التي اشتبهت بأن لديها حساسية من الغلوتين. لم أُصدِّق ذلك. أنا أعرف ابنتي جيّدًا. يجب أن يكون أمرًا آخر. في غضون ذلك، بحثنا في جوجل عن “نقص النمو”. وفي موعدنا التالي، سألْنا الاختصاصية عمّا إذا كانت سارة مصابة بمتلازمة تيرنر. لم تكن الاختصاصية مقتنعة بهذا، لكنّها لم تستطع نفي الأمر تمامًا. تَوَجَّب علينا حينها زيارة العيادة الخارجية مرة أخرى لإجراء المزيد من فحوصات الدم.

في تلك المرحلة، بدأت أشعر بالإحباط والغضب من تلك المواعيد والفحوصات التي لم يبدو أن لها نهاية. ولكن عندما جاءت النتائج التي أكَّدت التشخيص، شعرتُ بالارتياح. كانت متلازمة تيرنر. تمامًا كما توقَّعت!

بمجرد أن تم تشخيص حالة سارة، تَمَكنّا من وضع خطة معًا. كانت أكبر مشكلة تواجه سارة هي التركيز، كان يتشتت انتباهها بسهولة. اجتمعنا مع مدير المدرسة الذي اقترح أن تبدأ الدراسة في صفّ صغير يتكون من 3 إلى 5 أطفال مِمّن هم بحاجة إلى تعليم مُكثّف مثلها.

أصبحت سارة الآن جيدة في اللغة العربية لدرجة أنها تستطيع حضور معظم دروس هذه المادّة في الصفّ العادي. نحن فخورون وسعداء بذلك! إنّ كل هذا الدعم الذي تحصل عليه سيجعلها مهيئةً لمواصلة الدراسة بغض النظر عن المدرسة التي ستواصل معها. إنّ معرفة أنها مستعدة لمرحلة جديدة من حياتها أزال عِبئًا ثقيلاً عن كاهلنا.

لقد اخترنا أن نكون منفتحين بشأن تشخيص سارة. نحن نشيطون في مجموعات التواصل المحليّة الخاصّة بمرضى متلازمة تيرنر، لذا فإن لدى سارة شبكة مِن حولها، نستطيع من خلالها الحصول على الدعم وكذلك مواكبة أحدث الأبحاث العلمية. على مدى السنوات الأربع الماضية، التقينا وتحدثنا مع العديد من العائلات الرائعة. لقد كان الاستماع إلى تجارب الآخرين وقصصهم مُجزِيًا جدّا بالنسبة لنا.

عندما تم تشخيص سارة أخيرًا في عام 2005، بدأتِ العلاج بهرمون النمو. نَمَتْ سارة بشكل جيد جدًا في السنوات الثلاث التالية. لِنكون صادقين، لا يهمنا كثيرًا إذا أصبح طولها عندما تكبر 150 أو 165 سم. ما يهمنا حقيقةً هو أن تتمتع بصحة جيدة وتستمتع بالحياة. لقد خُضنا رحلةً لا تُصدَّق ونحن مُمتنُّون للغاية لوجودها في حياتنا.

استعدّ للتحدث مع طبيبك

إذا كنت قلقًا بشأن نمو طفلك، فلا تتردد في التحدّث إلى أحد مقدّمي الرعاية الصحية. سيكون قادرًا على إجراء بعض القياسات والاستقصاءات ليتحقق بشكل أكبر إن لزم الأمر، ومن المحتمل أن يُحيلك إلى طبيب اختصاصي. هنا يمكننا مساعدتك في التخطيط لكلا المحادثتين.

يرجى ملاحظة أننا لسنا مسؤولين عن محتوى المواقع الخارجية.

الصورة المعروضة ليست سارة وهي لأغراض تمثيلية فقط.